فصل: كِتَابُ الصَّلَاةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ دَمٌ) إلَى قَوْلِهِ وَلَك مَنْعُهُ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَلَا يُؤَثِّرُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَيْضِ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ، أَحَدِهِمَا أَنَّ الْحَيْضَ يُوجِبُ الْبُلُوغَ وَالنِّفَاسَ لَا يُوجِبُهُ لِثُبُوتِهِ قَبْلَهُ بِالْإِنْزَالِ الَّذِي حَبِلَتْ مِنْهُ الثَّانِي أَنَّ الْحَيْضَ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ وَلَا يَتَعَلَّقَانِ بِالنِّفَاسِ لِحُصُولِهِمَا قَبْلَهُ بِمُجَرَّدِ الْوِلَادَةِ وَيُخَالِفُهُ أَيْضًا فِي أَنَّ أَقَلَّ النِّفَاسِ لَا يُسْقِطُ الصَّلَاةَ إلَخْ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ أَوْ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بِالْوِلَادَةِ أَوْ الْإِنْزَالِ إلَخْ لِلتَّوْزِيعِ.
(قَوْلُهُ لِحُصُولِهَا قَبْلَهُ بِالْوِلَادَةِ) لَا يَأْتِي هَذَا فِي الْعِدَّةِ إذَا كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زِنًا سم أَيْ أَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ.
(قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْقُطَ إلَخْ) أَيْ وَحْدَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ التَّعْلِيلُ فَلَا يُرَدُّ مَا أَوْرَدَهُ الشَّارِحُ سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ نَقَلَ فِي النِّهَايَةِ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ مِنْ غَيْرِ تَعَقُّبٍ وَتَعَقَّبَهُ فِي الْمُغْنِي بِنَحْوِ مَا هُنَا فَقَالَ وَرُبَّمَا يُقَالُ قَدْ يُسْقِطُهُ فِيمَا إذَا بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ مَا يَسَعُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَنَفِسَتْ أَقَلَّ النِّفَاسِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ فَعَلَى هَذَا لَا يُسْتَثْنَى مَا قَالَهُ. اهـ. وَقَدْ يُجَابُ مِنْ قِبَلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ يَسْتَقِلُّ بِإِسْقَاطِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ أَقَلِّ النِّفَاسِ وَلَا تَرِدُ الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ إذْ الْمُسْقِطُ فِيهَا لِلصَّلَاةِ إنَّمَا هُوَ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الْجُنُونِ السَّابِقِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ انْتِفَاءُ الْجُنُونِ فَلَا إسْقَاطَ وَيَكْفِي هَذَا الْقَدْرُ إذْ الْفَرْضُ إثْبَاتُ خَصِيصِيَّةٍ لِلْحَيْضِ لَيْسَتْ لِلنِّفَاسِ. اهـ.
(قَوْلُهُ أَشَارَ لِذَلِكَ) أَيْ لِلْمَنْعِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ فَيَأْتِي هُنَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِأَنَّ النِّفَاسَ كَالْحَيْضِ فِي غَالِبِ أَحْكَامِهِ فَكَذَلِكَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِشْكَالِ فَيَنْظُرُ أَمُبْتَدَأَةٌ تِلْكَ فِي النِّفَاسِ أَمْ مُعْتَادَةٌ مُمَيِّزَةٌ أَمْ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ وَيُقَاسُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ فَتُرَدُّ الْمُبْتَدَأَةُ الْمُمَيِّزَةُ إلَى التَّمْيِيزِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ الْقَوِيُّ عَلَى سِتِّينَ وَلَا ضَبْطَ فِي الضَّعِيفِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزَةِ إلَى لَحْظَةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ وَالْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ إلَى التَّمْيِيزِ لَا الْعَادَةُ فِي الْأَصَحِّ وَغَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ الْحَافِظَةِ إلَى الْعَادَةِ وَتَثْبُتُ بِمَرَّةٍ إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ فِي الْأَصَحِّ وَإِلَّا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي الْحَيْضِ وَالنَّاسِيَةُ إلَى مَرَدِّ الْمُبْتَدَأَةِ فِي قَوْلٍ وَتَحْتَاطُ فِي الْآخَرِ الْأَظْهَرِ فِي التَّحْقِيقِ. اهـ.
(قَوْلُهُ طُهْرٌ) أَيْ هُوَ طُهْرُهَا سم.
(قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا) أَيْ الْمُعْتَادَةِ نِفَاسًا فَقَطْ.
(قَوْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ مُبْتَدَأَةً فِيهِمَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ أَيْ الْمُبْتَدَأَةِ فِيهِمَا نِفَاسُهَا لَحْظَةً. اهـ، وَهَذَا مُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَنِفَاسُ الْمُبْتَدَأَةِ مَجَّةٌ فَهُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَمِثْلُهَا إلَخْ سم.
(قَوْلُهُ مُمَيِّزَةٌ فِيهِ) أَيْ مُبْتَدَأَةٌ مُمَيِّزَةٌ فِي النِّفَاسِ.
(قَوْلُهُ مَا لَمْ تَزِدْ) أَيْ الْمُمَيِّزَةُ يَعْنِي تَمَيُّزَهَا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَكَانَ الظَّاهِرُ التَّذْكِيرَ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْمُغْنِي قَالَ سم لَمْ يَقُلْ وَلَمْ يَنْقُصْ عَنْ أَقَلِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْحَيْضِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ النَّقْصِ هُنَا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا شَرْطَ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا ضَبْطَ. اهـ.
(قَوْلُهُ لَا يُتَصَوَّرُ التَّحَيُّرُ) أَيْ الْمُطْلَقُ (فِي النِّفَاسِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي لَكِنْ أَقَرَّ الرَّشِيدِيُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِعِلْمِهَا ابْتِدَاءُ نِفَاسِهَا.
(قَوْلُهُ يَنْتَفِي التَّحَيُّرُ) أَيْ الْمُطْلَقُ.
(خَاتِمَةٌ) يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ تَعَلُّمُ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا عَالِمًا لَزِمَهُ تَعْلِيمُهَا وَإِلَّا فَلَهَا الْخُرُوجُ لِسُؤَالِ الْعُلَمَاءِ بَلْ يَجِبُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَنْعُهَا إلَّا أَنْ يَسْأَلَ هُوَ وَيُخْبِرَهَا فَتَسْتَغْنِي بِذَلِكَ وَلَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ إلَى مَجْلِسِ ذِكْرٍ أَوْ تَعَلُّمِ خَيْرٍ إلَّا بِرِضَاهُ وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُ النِّفَاسِ أَوْ الْحَيْضِ وَاغْتَسَلَتْ أَوْ تَيَمَّمَتْ حَيْثُ يُشْرَعُ لَهَا التَّيَمُّمُ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَطَأَهَا فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فَإِنْ خَافَتْ عَوْدَ الدَّمِ اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّوَقُّفُ فِي الْوَطْءِ احْتِيَاطًا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.

.كِتَابُ الصَّلَاةِ:

هِيَ شَرْعًا أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ مَخْصُوصَةٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ غَالِبًا فَلَا تَرِدُ صَلَاةُ الْأَخْرَسِ وَصَلَاةُ الْمَرِيضِ الَّتِي يُجْرِيهَا عَلَى قَلْبِهِ، بَلْ لَا يَرِدَانِ مَعَ حَذْفِ غَالِبًا؛ لِأَنَّ وَضْعَ الصَّلَاةِ ذَلِكَ فَمَا خَرَجَ عَنْهُ لِعَارِضٍ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الصَّلَاةِ لُغَةً وَهِيَ الدُّعَاءُ وَخَرَجَ بِقَوْلِي مَخْصُوصَةٌ سَجْدَتَا التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ فَإِنَّهُمَا لَيْسَتَا صَلَاةً كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ (الْمَكْتُوبَاتُ) أَيْ الْمَفْرُوضَاتُ الْعَيْنِيَّةُ (خَمْسٌ) مَعْلُومَةٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا تَرِدُ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْخَمْسِ فِي يَوْمِهَا كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ وَلَمْ تَجْتَمِعْ هَذِهِ الْخَمْسُ لِغَيْرِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَرَدَ أَنَّ الصُّبْحَ لِآدَمَ، وَالظُّهْرَ لِدَاوُدَ، وَالْعَصْرَ لِسُلَيْمَانَ، وَالْمَغْرِبَ لِيَعْقُوبَ، وَالْعِشَاءَ لِيُونُسَ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ جِبْرِيلَ فِي خَبَرِهِ الْآتِي بَعْدَ صَلَاتِهِ الْخَمْسِ هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَك لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ وَقْتُهُمْ عَلَى الْإِجْمَالِ وَإِنْ اخْتَصَّ كُلٌّ مِمَّنْ ذُكِرَ مِنْهُمْ بِوَقْتٍ وَفُرِضَتْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَلَمْ يَجِبْ صَحِيحُ يَوْمِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّتِهَا فَإِنَّ جِبْرِيلَ لَمَّا عَلَّمَهَا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَلَاتِهِ عِنْدَ بَابِ الْكَعْبَةِ مِمَّا يَلِي الْحُفْرَةَ، ثُمَّ إلَى الْحِجْرِ بِالْكَسْرِ الْخَمْسُ فِي أَوْقَاتِهَا مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ ابْتِدَاءً بِالظُّهْرِ إشَارَةً إلَى أَنَّ دِينَهُ سَيَظْهَرُ عَلَى الْأَدْيَانِ ظُهُورَهَا عَلَى بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ فَمِنْ ثَمَّ تَأَسَّى أَئِمَّتُنَا بِذَلِكَ وَبِآيَةِ: {أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} فِي الْبُدَاءَةِ بِهَا فَقَالُوا (الظُّهْر) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ كَمَا تَقَرَّرَ وَلِفِعْلِهَا وَقْتَ الظَّهِيرَةِ أَيْ الْحَرِّ (وَأَوَّلُ وَقْتِهِ زَوَالُ الشَّمْسِ) أَيْ عَقِبَ وَقْتِ زَوَالِهَا أَيْ مَيْلِهَا عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ الْمُسَمَّى بُلُوغُهَا إلَيْهِ بِحَالَةِ الِاسْتِوَاءِ بِاعْتِبَارِ مَا يَظْهَرُ لَنَا لَا نَفْسَ الْأَمْرِ فَلَوْ ظَهَرَ أَثْنَاءَ التَّحَرُّمِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَكَذَا فِي نَحْوِ الْفَجْرِ وَيُعْلَمُ بِزِيَادَةِ الظِّلِّ عَلَى ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَبِحُدُوثِهِ (وَآخِرُهُ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ) هُوَ لُغَةً السِّتْرُ وَمِنْهُ أَنَا فِي ظِلِّ فُلَانٍ وَاصْطِلَاحًا أَمْرٌ وُجُودِيٌّ خَلَقَهُ اللَّهُ لِنَفْعِ الْبَدَنِ وَغَيْرِهِ تَدُلُّ عَلَيْهِ الشَّمْسُ كَمَا فِي الْآيَةِ لَكِنْ فِي الدُّنْيَا بِدَلِيلِ: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} وَلَا شَمْسَ ثَمَّ فَلَيْسَ هُوَ عَدَمَهَا خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ (مِثْلُهُ سِوَى ظِلِّ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ) أَيْ الظِّلِّ الْمَوْجُودِ عِنْدَهُ فِي غَالِبِ الْبِلَادِ وَقَدْ يَنْعَدِمُ فِي بَعْضِهَا كَمَكَّةَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِهِ فِيهَا فَقِيلَ يَوْمٌ وَاحِدٌ هُوَ أَطْوَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ وَقِيلَ جَمِيعُ أَيَّامِ الصَّيْفِ وَقِيلَ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَقِيلَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ قَبْلَ انْتِهَاءِ الطُّولِ وَمِثْلُهَا عَقِبَهُ وَقِيلَ يَوْمَانِ يَوْمٌ قَبْلَ الْأَطْوَلِ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَيَوْمٌ بَعْدَهُ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَمَا عَدَا الْأَخِيرَ، وَالْأَوَّلَ غَلَطٌ وَاَلَّذِي بَيَّنَهُ أَئِمَّةُ الْفَلَكِ هُوَ الْأَخِيرُ وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا أَنَّ صَنْعَاءَ كَمَكَّةَ فِي ذَلِكَ لَا يُوَافِقُ مَا حَرَّرَهُ أَئِمَّةُ الْفَلَكِ؛ لِأَنَّ عَرْضَ مَكَّةَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَعَرْضَ صَنْعَاءَ عَلَى مَا فِي زِيجَ ابْنِ الشَّاطِرِ خَمْسَ عَشْرَةَ دَرَجَةً تَقْرِيبًا فَلَا يَنْعَدِمُ الظِّلُّ فِيهَا إلَّا قَبْلَ الْأَطْوَلِ بِنَحْوِ خَمْسِينَ يَوْمًا وَبَعْدَهُ بِنَحْوِهَا أَيْضًا وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيُوَضِّحُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَهَا وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلُ الْوَقْتِ، وَجَوَازٌ إلَى مَا يَسَعُ كُلَّهُ، ثُمَّ حُرْمَةٌ وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ الْمُحَرَّمَ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ لَا إيقَاعُهَا فِيهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ تَسْمِيَتَهُ وَقْتَ حُرْمَةٍ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ، وَضَرُورَةٌ وَسَيَأْتِي وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ تُجْزِئُ فِي الْبَقِيَّةِ وَعُذْرٌ وَهُوَ وَقْتُ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ، وَاخْتِيَارٌ وَهُوَ وَقْتُ الْجَوَازِ.
الشَّرْحُ:
(كِتَابُ الصَّلَاةِ).
(قَوْلُهُ: بَلْ لَا يَرِدَانِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ كَوْنَ الْمُرَادِ أَنَّ وَضْعَهَا ذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ التَّعْرِيفِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ مُرَادٌ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ فَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ الْوُرُودِ إذْ حَيْثُ لَمْ يَشْمَلْ لَفْظُ التَّعْرِيفِ بَعْضَ الْأَفْرَادِ كَانَ غَيْرَ جَامِعٍ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَعْنًى جَامِعٌ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَضْعَ الصَّلَاةِ ذَلِكَ) إنْ أَرَادَ بِوَضْعِهَا حَقِيقَتَهَا وَمَعْنَاهَا لَزِمَ خُرُوجُ هَذَا الْفَرْدِ، أَوْ أَصْلَهَا فَإِنْ أَرَادَ بِالْأَصْلِ الْغَالِبَ فَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ قَيْدِ الْغَلَبَةِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ شَيْئًا آخَرَ فَلْيُبَيِّنْ لِيُنْظَرَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: فَمَا خَرَجَ عَنْهُ لِعَارِضٍ إلَخْ) يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا الَّذِي خَرَجَ لِعَارِضٍ هَلْ هُوَ مِنْ الْإِفْرَادِ حَقِيقَةً، أَوْ لَا؟ وَهَلْ يَشْمَلُهُ لَفْظُ التَّعْرِيفِ، أَوْ لَا؟ فَإِنْ قَالَ مِنْ الْأَفْرَادِ حَقِيقَةً وَلَا يَشْمَلُهُ فَهُوَ وَارِدٌ قَطْعًا وَإِلَّا فَهُوَ مَمْنُوعٌ قَطْعًا فَتَأَمَّلْهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ شَيْءٌ وَضَعَهُ مَا ذُكِرَ وَفِيهِ خَفَاءٌ لَا يَلِيقُ بِالتَّعْرِيفِ.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِي مَخْصُوصَةٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ صِدْقَ جَمِيعِ الْأَقْوَالِ، وَالْأَفْعَالِ فِي سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ صِدْقٌ مَعْنًى مَخْصُوصَةٌ أَيْضًا فَإِنْ أَرَادَ بِهِ مَعْنًى خَاصًّا فِي الْوَاقِعِ فَهَذَا لَا يَفْهَمُهُ السَّابِقُ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِخْرَاجِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَصْدُقَا فَلَا حَاجَةَ لِزِيَادَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَخَرَجَ بِجَمْعِ الْأَفْعَالِ سَجْدَتَا التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ هُوَ السُّجُودُ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ، بَلْ هِيَ أَفْعَالٌ؛ لِأَنَّ الْهُوِيَّ لِلسُّجُودِ، وَالرَّفْعَ مِنْهُ فِعْلَانِ خَارِجَانِ عَنْ مُسَمَّى السُّجُودِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا لَيْسَتَا صَلَاةً كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ) صَلَاةُ الْجِنَازَةِ أَقْوَالٌ كَالتَّكْبِيرَاتِ وَأَفْعَالٌ كَالْقِيَامِ، وَالنِّيَّةِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ الْمَفْرُوضَاتُ) لَمَّا كَانَ الْكَتْبُ غَيْرَ الْفَرْضِ لُغَةً وَأَعَمَّ مِنْهُ شَرْعًا فُسِّرَ الْمُرَادُ هُنَا بِقَوْلِهِ أَيْ الْمَفْرُوضَاتُ.
(قَوْلُهُ: وَوَرَدَ أَنَّ الصُّبْحَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قِيلَ وَهَذِهِ الصَّلَوَاتُ تَفَرَّقَتْ فِي الْأَنْبِيَاءِ فَالْفَجْرُ لِآدَمَ، وَالظُّهْرُ لِإِبْرَاهِيمَ، وَالْعَصْرُ لِسُلَيْمَانَ، وَالْمَغْرِبُ لِعِيسَى رَكْعَتَيْنِ عَنْ نَفْسِهِ وَرَكْعَةً عَنْ أُمِّهِ، وَالْعِشَاءُ خُصَّتْ بِهَا هَذِهِ الْأُمَّةُ وَخَالَفَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ بَعْضَ ذَلِكَ فَجَعَلَ الظُّهْرَ لِدَاوُدَ، وَالْمَغْرِبَ لِيَعْقُوبَ، وَالْعِشَاءَ لِمُوسَى وَأَوْرَدَ فِيهِ خَبَرًا، وَالْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ أَنَّ الْعِشَاءَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِنَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِبْ صُبْحُ يَوْمِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّتِهَا)، أَيْ: وَأَصْلُ وُجُوبِ الْخَمْسِ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى الْعِلْمِ بِالْكَيْفِيَّةِ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الصُّبْحِ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَإِنَّمَا كَانَ يَصِحُّ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْوُجُوبِ مُعَلَّقًا عَلَى الْكَيْفِيَّةِ وَهُنَا تَوْجِيهٌ آخَرُ لِعَدَمِ وُجُوبِ صُبْحِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ أَنَّ الْخَمْسَ إنَّمَا وَجَبَتْ عَلَى وَجْهِ الِابْتِدَاءِ بِالظُّهْرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْخَمْسَ وَجَبَتْ مِنْ ظُهْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَ هَذَيْنِ التَّوْجِيهَيْنِ مِنْ الْبَوْنِ الْبَائِنِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَيْفَ وَحَاصِلُ الثَّانِي أَوْجَبَتْ مَا عَدَا صُبْحَ يَوْمِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ كَيْفِيَّتَهَا لَمْ تَجِبْ وَحَاصِلُ الْأَوَّلِ أَوْجَبَتْ مَا تَبَيَّنَ كَيْفِيَّتُهُ فِي وَقْتِهِ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ الصُّبْحِ وَجَبَتْ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّتِهَا) قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِأَنَّهُ فُرِضَتْ الْخَمْسُ مَا عَدَا صُبْحَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِلَّا لَبَيَّنَ كَيْفِيَّتَهَا كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ جِبْرِيلَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَبَيَّنَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي مَغَازِيهِ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي صَلَّاهَا جِبْرِيلُ بِهِ كَانَتْ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ فَرْضِهَا لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ بِالصَّلَاةِ جَامِعَةٌ أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا بَعْدُ بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِأَصْحَابِهِ أَيْ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِمْ وَمُبَالِغًا لَهُمْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَائِيّ السَّابِقَةِ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ بَيَانَ الْأَوْقَاتِ إنَّمَا وَقَعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَحَصْرُهُ ذَلِكَ بَاطِلٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْآيَةِ) أَيْ: قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا} قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ لِلْحِسِّ حَتَّى تَطْلُعَ فَيَقَعَ ضَوْءُهَا عَلَى بَعْضِ الْأَجْرَامِ، أَوْ لَا يُوجَدُ وَيَتَفَاوَتُ إلَّا بِسَبَبِ حَرَكَتِهَا. اهـ.